ثورة حضرموت... حين انفرطت مسبحة
الفساد!
المحامي صالح عبدالله باحتيلي
ها هي ثورة حضرموت تُعيد ضبط البوصلة،
وتكسر حاجز الصمت والخوف، لتكشف المستور وتفضح حجم الفساد والفوضى التي ارتكبها
شركاء سلطة اليمن ومجلسها الرئاسي. لم تكن ثورة عابرة أو رد فعل عاطفي، بل كانت
صرخة شعب سحقته سنوات من النهب المنظم، صرخة كاشفة لحقيقة أن أولئك الذين يتصدرون
مشهد الحكم ليسوا سوى جزء أصيل من مافيا الاقتصاد ومضاربة السوق.
شركاء السلطة لم يكونوا يوماً أمناء
على الوطن. لقد كانوا شركاء في البنوك، متنفذين في شركات الصرافة، ومضاربين في
حياة الناس ومعيشتهم. تحوّلوا من رجال دولة إلى سماسرة عملة، يلهثون خلف الربح
السريع ولو على حساب لقمة الفقير ودواء المريض. هؤلاء لم يتركوا شيئاً لم يبيعوه،
حتى استقرار العملة الوطنية حولوه إلى أداة قذرة لابتزاز المواطن وسرقة ما تبقى في
جيبه.
لكنها ثورة حضرموت، التي فضحت كل شيء،
وعرّت الجميع. خلال يومين فقط من تحرّك الشارع وسقوط مراكز النفوذ، استعادت العملة
ثلث قيمتها بعد أن كانت على شفا الانهيار الكامل. وهذا لم يكن سحراً، بل دليلاً
دامغاً على أن الانهيار لم يكن قدراً، بل صناعة سلطوية ممنهجة، بإدارة أدوات
الفساد من الداخل.
واليوم، نحن نرى بوادر انفراج في أسعار
السلع والمواد الغذائية، وتحسناً في أسعار البترول. وهذه ليست نتائج "سياسات
إصلاحية" كما يحاول البعض تسويقها، بل هي مكاسب مباشرة لانفجار الغضب الشعبي
الذي هز عروش الفاسدين.
شكراً ثورة حضرموت، لأنك لم تكوني فقط
تمرّداً على الظلم، بل يقظة وطنية أعادت للشعب جزءًا من حقه. شكراً لأنك بعثتِ
الأمل من تحت أنقاض الخيبة، وزرعتِ فينا من جديد الإيمان بأن الكرامة لا تُمنَح بل
تُنتزع، وأن الصمت على الجريمة جريمة أكبر.
تعليقات
إرسال تعليق