القائمة الرئيسية

الصفحات

 




عندما  يتفلسف الزبيدي في زمن الظلام ووعود القردة والخنازير

في الجنوب، حيث يئن الناس تحت وطأة الأزمات اليومية، وحيث أصبحت الكهرباء حلماً بعيد المنال، يطلّ علينا عيدروس الزبيدي بخطاب أشبه بالخيال العلمي، متحدثاً عن ضرورة تحويل نظام الإدارة وحياة الناس إلى الذكاء الاصطناعي. للوهلة الأولى يخيل إليك أنك في وادي السيليكون، أو أنك تسمع عرضاً من مهندس رائد في إحدى شركات التكنولوجيا العملاقة، لكنك سرعان ما تعود إلى الواقع: شوارع مظلمة، أحياء بلا ماء، مستشفيات تحتضر، وحياة بالكاد تمشي على عكاز الأزمات.

كيف يمكن أن يُدار الجنوب بالذكاء الاصطناعي وهو حتى الآن يُدار بالشموع والمولدات القديمة؟ كيف يمكن أن يعيش الناس في عصر الخوارزميات فيما هم محاصرون في العصر الحجري بغياب الكهرباء والماء والدواء؟ إنها مفارقة ساخرة تُلخص عقلية "القفز فوق الواقع"، عقلية تتزين بالشعارات الكبيرة بينما تنسى الأساسيات.

المشكلة ليست في الحلم، فالأمم العظيمة تبدأ بأحلام كبيرة. لكن الخطر حين يتحول الحلم إلى وهم، والوهم إلى خطاب سياسي يُراد له أن يبرر العجز والفشل. الذكاء الاصطناعي ليس مجرد كلمة يتشدق بها مسؤول يبحث عن بريق إعلامي؛ إنه منظومة ضخمة تحتاج إلى بنية تحتية، كهرباء مستقرة، إنترنت سريع، تعليم متطور، واستثمار طويل الأمد. فكيف نتحدث عن هذه الثورة التقنية بينما المواطن ما زال يبحث عن جرعة ماء بارد أو ساعة إنارة في ليل عدن الطويل؟

إنها كوميديا سوداء، أن نرى من يقودون الجنوب يبيعون الوهم للناس على شكل مصطلحات مستوردة من العالم الأول، بينما لم يؤمنوا بعد أبسط مقومات العيش. فهل المطلوب من المواطن أن يشحن هاتفه الخالي من الكهرباء بطاقة الرياح العاتية؟ أم أن عليه أن يتواصل مع "الذكاء الاصطناعي" عبر دخان الحطب؟

في النهاية، ليست المشكلة في الذكاء الاصطناعي، بل في غياب "الذكاء الإنساني" لدى من يتحدثون عنه. فقبل أن نحلم بعصر الروبوتات والخوارزميات، يجب أن نتعلم كيف نضيء مصباحاً في بيت مواطن جنوبي ينام على ظلام، ويستيقظ على عطش، ويُدار يومه في ظروف أقل من العصر الحجري.

حقارة مغازلة القردة والخنازير . النصر الذي يُشترى بثمن المبادئ ليس نصرًا، بل خسارةٌ مروّعة. الحرية والسيادة لا تُمنَح بالشيكات والاتفاقات العابرة، بل تُبنى بصمودٍ داخلي، باستحقاقٍ أخلاقي، وبقدرةٍ على تحقيق طموحات الناس دون أن تُفقد لهم كرامتهم. فليعلم كل من يفكر بهذا الاسلوب   أن الطريق إلى الحرية لا يمرّ عبر بيع  العقيدة والكرامة والضمائر، وأن الشعوب حين تُهان لا تغفر بسرعة، وأن تكلفة ذلك الهوان تُقاس بأرواحٍ وأيامٍ مؤلمة يصعب إسعافها بعد فوات الأوان. هل الناس تريد جنوب صناعة اsرائيلية.

ثم يأتي يوم القسوة: يوم اللعنات على من جلب لهم القردة والخنازير ذلك اليوم الذي يدرك فيه الناس أن من تمنّوا له النصر قد رهن مستقبلهم بمقايضات لا تُردّ. حينها لا يكفي أن ينوح القائد على الخسارة؛ فاللعنات التي تُصْبِحُ على لسان الناس ليست مجرد كلمات، بل صرخة ألمٍ من نكبة  طويلة. الشعب لن ينسى من جرّه الىها.

المأساة ليست مجرد حسابات سياسية؛ إنها احتلال للضمير. عندما يختار القائد أن يبيع مقوّمات الثقة لقاء وعود من اعداء الامة، الذين سيستبيحون في شعب الجنوب كل شي له قيمة في الحياة ، فإنه يوقع شعبه في عقد طويل الأمد تُفقد فيه الكرامة . لن تكون العودة سهلاً، ولا الفكاك سهلاً، لأن الاعتماد على القردة يبني علاقة تبعية تتعمق مع الزمن — وتبقى الأسئلة بلا جواب من نكبنا هذه النكبة الله ينكبه 


كم تبدو الحياة محيرة حين يرى المرء ثائراً يقف على منبر المبادئ والقيم، يعلن مبادئه بعنفو، ويرسم في عينيه صور العدالة والكرامة؟ ثم، في لحظة ما، يتبدّل الشكل وتتبدّل الأسماء، يمشي ذلك الثائر نحو باب المساومة الرخيصة بقبضة مرتعشة، يمد يده طالباً الدعم من حيث لم يكن متوقعاً أن يطلب، ويقايض كلمة الشرف بمقابل وقتي قد يخسر به شعبه أكثر مما ظنّ.

هل كانت كل تلك الشعارات سوى زينة؟ هل كانت المبادئ قابلة للبيع بأثمانٍ رخيصة؟ هنا تبدأ المفارقة، شعب يُصبح ورقةً في كفٍ لا تعرف له ولاءً، والنتيجة في احسن الاحوال لهذا الشعب  اذا حلت المصيبة هي الفرار، حافظا على الكرامة والشرف. انصحوا هذا الرجل سيسبب كارثة لشعب الجنوب هو ومن حوله من المستشارين الاغبياء، وحتى الرؤساء المنتخبين لاستطيعون اتخاذا قرارات  في مسائل مصيرية وخطيرة  كهذه  على الاقل يطلب استفتاء مراكز البقر التي تتبعه في المحافظات ، شي لايصدق،  ان هناك حمير يصفقون له على هذا الغباء .

author-img
هذه مؤسسة تهدف إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان واحترامها ونشر ثقافتها طبقاً للمعايير الدولية

تعليقات

مواضيع ذات صلة
التنقل السريع