حضرموت
... هجوم الأعداء يقربها الى الاستقلال
عندما خرج الحضارم بقصد احداث تغيير، أيضا كانوا يوصلون رسالة مفادها ان حضرموت هوية قائمة بذاتها وليست تابعة لأي اتجاه، وشعبًا يمتلك من الوعي والإرادة ما يؤهله لأن يختار مستقبله بحرية. وان المجتمع الحضرمي مجتمع عريق يرفض التبعية لأي مشروع لا ينبثق من مصالحه وهويته الخاصة. ما تشهده حضرموت اليوم من أحداث متسارعة، ما هو إلا دليل على أن الحضارم يسيرون بثبات نحو الطريق الصحيح، طريق استعادة القرار المستقل وبناء مشروع الحكم الذاتي. لكن هذا الطريق، وإن كان مبشرًا لأبناء حضرموت، فهو مؤلم جدًا لأعداء هذا المشروع. إنهم يتألمون لأن حضرموت تنهض، ويحزنهم أن ظهور حضرموت موحدة في رؤيتها وموقفها. ولذلك فهم يتمنون لو انها تغرق في الفوضى والصراع.
لقد دفعت حضرموت، عبر عقود، أثمانًا باهظة نتيجة خضوعها لأنظمة مركزية لم تعكس تطلعات أبنائها، ولم تحترم خصوصيتها الثقافية والتاريخية والسياسية. فكانت المركزية أداة لتهميش القرار المحلي وسلب الموارد، حيث مورست سياسات الإقصاء والتذويب في كيان أكبر لم يُنصفها ولم يمنحها حقّها كشريك حقيقي في بناء الدولة، ولم يتوقف هذا المسارهنا، وكأن دروس الماضي لم تُقرأ، أو أن معاناة حضرموت لا تُرى. تحاول بعض القوى فرض وصاية جديدة، وتكرار نمط مركزي آخر، لا يختلف كثيرًا عن سابقه، سوى في الجغرافيا والشعارات.
لكن حضرموت، بتاريخها العريق ووعي أبنائها المتزايد، لم تعد تلك الأرض القابلة للتهميش أو التجاهل. لقد بات واضحًا أنها تقف الآن على مفترق طرق تاريخي، يتطلب منها أن تعيد صياغة معادلتها السياسية، وأن ترفض كل أشكال التبعية، شمالًا كانت أم جنوبًا.
إن الخلاص الحقيقي لحضرموت يكمن في ذاتها: في وعيها الجمعي الذي يتشكل يومًا بعد يوم، في إرادتها الحرة التي بدأت تتبلور، وفي قرارها المستقل الذي يجب أن ينبثق من أبنائها، لا من سواهم.
حضرموت اليوم تقول كلمتها، لا بالنيابة عن أحد، بل بصوتها هي، وبمشروعها هي، الذي يليق بمكانتها، ويحترم حقها في تقرير مصيرها، لقد آن الأوان لأن يُكتب تاريخ جديد، يكون عنوانه: حضرموت لأهلها، بقرارهم، وبإرادتهم الحرة.
وسط هذا الواقع المتغير، تبرز قوى حضرمية منظمة وواعية، تعمل بخطى حثيثة نحو مشروع وطني خالص، مشروع يُنقذ حضرموت من عبث الأطراف المتصارعة، ويعيد لها حقها في إدارة شؤونها بنفسها، بدءًا بإعلان الحكم الذاتي كمرحلة انتقالية، ووصولاً إلى حق تقرير المصير.
إنها لحظة استثنائية في تاريخ حضرموت، لحظة تجاوز الشعارات إلى الفعل، والتاريخ إلى المستقبل. وإذا كانت كل الشعوب الحرة قد عاشت لحظة مماثلة صنعت من خلالها خلاصها، فإن حضرموت اليوم تصنع لحظتها بوعي وإرادة وحنكة سياسية لا تخطئ الطريق.حضرموت اليوم تقولها بوضوح، لن تُدار من صنعاء ولا من عدن، ولن تُختزل في صراعات لا تخصها.حضرموت مشروع وطن مكتمل، يستحق أن يُمنح فرصته كاملة في الاختيار، القرار، والمصير.
المحامي
صالح عبدالله باحتيلي
تعليقات
إرسال تعليق